:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الاثنين، أكتوبر 13، 2025

نصوص مترجمة


○ في مطار كابول، وبعد الحصول على بطاقة الصعود إلى الطائرة، ذهبت لاستصدار تصريح أمني. وقال لي أفراد الأمن: تأكّد من أنك لا تحمل أيّ شيء خطير".
حدث هذا منذ ثمان سنوات. كنت مسافرا إلى دلهي. وكنت خائفا وأنا أغادر منزلي ووطني لأوّل مرّة. فلم يسبق لي أن ذهبت إلى أيّ مطار أو صعدت أيّ طائرة أبدا. وللمرّة الأولى أيضا تعلّمت معاني المصطلحات، مثل تسجيل الوصول والمغادرة وبطاقة الصعود والهجرة وحزام الأمتعة والصالة.
بعد وصولي إلى دلهي، اضطررت إلى الإقامة في بيت ضيافة، قبل الانتقال إلى النزل الدولي بالجامعة، حيث حصلت على بعثة لمدّة عامين لدراسة الماجستير. داخل بيت الضيافة، كانت معظم الغرف بحجم كابينة، وكانت غرفتي مماثلة.
لم تكن الليلة الأولى ممتعة. مغادرة الوطن أمر مؤلم دائما. من أنت ومن أين أتيت يحدّدان وجودك. وكونك من الهزارا وأفغانيّا في نفس الوقت يمثّل لعنة. فليس أمامك سوى خيارات قليلة للغاية. إما أن تصبح مسلما سنيّا أو تغادر أفغانستان أو تخاطر بأن تُقتل. ونفس الشيء ينطبق على الهزارا الذين يعيشون في وادي كويتا في باكستان.
يولد الهزارا حاملين معهم الكثير من المصائب. ويتعيّن علينا أن نتحمّل الفقر والفظائع العرقية. كما أن التعليم والوصول إلى مرافق الرعاية الصحّية اللائقة أمران بعيدان عن متناول أيدينا. وفي بعض الأحيان، نشعر وكأننا لا ننتمي إلى أرضنا ونعيش كلاجئين في منطقة غير مضيافة، ويُطلب منا مرارا وتكرارا أن ننقل مصائبنا إلى مكان آخر. هذه هي الحياة العادية للهزارا الذين يعيشون تحت ظلال غيوم قاتمة مليئة بالمآسي.
بما أن الجامعة تقع على التلال، فمن الواضح أن سطحها صخري. وبدا أن الخضرة تشكّل جزءا لا يتجزّأ من الحرم الجامعي، من الشجيرات والنباتات الصغيرة إلى شجرة البانيان العملاقة وأشجار البوغنفيليا "أو الجهنّمية الحمراء".
ذهبت الى مكتب القبول والتسجيل وقدّمت مستنداتي، وكان هناك العديد من الطلاب الآخرين الذين كانوا مشغولين بتقديم أوراقهم. وفجأة وقعت عيناي على سيّدة ترتدي "ساري" أحمر. كانت تضع الكحل وكانت عيناها جاحظتين وشعرها مفرودا وعظام وجنتيها مرتفعة. كانت تشبه إلى حدّ كبير امرأة من أصولي العرقية. حسنا، كانت مجرّد نظرة. عادة لا أحدّق في امرأة إلا أن تلاحظني. ثم شرعت في استكشاف الحرم الجامعي.
وبينما بدأت في السير، سمعت صوتا من الخلف يقول: المعذرة". التفت. كانت السيّدة نفسها التي ترتدي الساري الأحمر. سألتني: هل أنت من الشمال الشرقي؟". فقلت: لا، أنا من أفغانستان".
ارتسمت على وجهها ابتسامة ازدراء. واعتذرت وقالت إنني أبدو وكأنني آتٍ من الشمال الشرقي. وبعد قليل، أخبرتها أنني سأستكشف الحرم الجامعي، وسألتها ما إذا كانت تريد مرافقتي. فوافقت.
كانت تجربة جميلة. مشينا الى أن وصلنا الى أعلى مكان في المشهد الطبيعي. جلسنا على صخرة ضخمة ذات قمّة مسطّحة في المنتصف. وبدون أن نتحدّث كثيرا، استمتعنا بالنسيم العليل. وأحيانا كنا ننظر إلى بعضنا البعض ونتواصل من خلال أعيننا.
ثم بدأنا في البحث عن شيء آخر. سألتني عن معنى اسمي "منتظر". فقلت: شخص ينتظر". قالت وهي تبتسم: وماذا تنتظر؟". أجبت: هناك العديد من الأشياء غير المستقرّة في الحياة. نأمل في تغييرات أفضل". ردّت: جميل!". سألتها عن معنى اسمها "كاميلا". فضحكت وقالت: أنا في حال تناقض مع معنى اسمي. إنه يعني "إلهة الثروة"، وأنا لست أكثر من فقيرة!"
ثم ذهبنا إلى الكافيتريا لإشباع جوعنا في منتصف النهار. وبعد الغداء، تبادلنا أرقام هواتفنا ثم انطلقنا إلى أماكن إقامتنا الخاصّة. كانت كاميلا تعيش في أحد المباني. وقد سمّيت أغلب المباني على اسماء الأنهار التي تجري في الهند. ومع مرور الوقت، بدأت أتعرّف عليها عن قرب. فالصداقة هي الحاجة الدائمة للحياة البشرية. وهي تساعدنا على إعادة اكتشاف أنفسنا من خلال عيون الآخرين.
مرّت ثمانية أشهر بسرعة وانتهت فترة دراسية مذهلة. كانت هذه الأشهر مليئة أيضا بالكثير من الحب. تجوّلنا كثيرا في دلهي. الهند هي تجسيد للثقافة المركّبة، ودلهي هي أفضل مثال على ذلك.
في وطني أفغانستان، كان الوباء والسياسة كلاهما ينفتحان مثل صندوق باندورا. كانت طالبان قد بدأت تشدّد قبضتها مع مرور كلّ يوم. كان الإسلام مجرّد أداة لإضفاء الشرعية على سياساتها. وموقفها تجاه مجتمعي، أي الهزارا، مروّع للغاية. كنت قلقا على عائلتي. في بعض الأحيان، تعيدني بعض الجروح غير الملتئمة إلى الوراء، وأشعر أنني لن أتمكّن أبدا من الشفاء. لكنّي أتعلّم كيف أتعايش مع هذا أيضا.
وطوال هذه الفترة، كنت على اتصال دائم بأمّي. أحيانا أحثّها على السماح لي بالعودة إلى الوطن، لكنها تصرّ على ألا أفعل. أسألها ما إذا كان من المقبول أن أموت في بلد آخر كلاجئ. ولأنها امرأة متديّنة، كانت إجابتها بسيطة للغاية: بالنسبة للمؤمن، كلّ البشر لاجئون. نحن هنا في الدنيا لفترة وجيزة جدّا من الزمن ومنزلنا الأبدي هو قبورنا. وعاجلا أم آجلا، سندخل جميعا منزلنا الأبدي ولن نعود منه أبدا". تبدو آراؤها جذّابة، لكن كيف أجعلها تفهم أن هناك ألف بركان يحترق بداخلي؟!
مرّت الأيّام وأكملت دراستي وحصلت على وظيفة للوفاء باحتياجاتي المالية والمعيشية. ومهما كانت الظروف والمواقف، يجب أن نستمر. قد يكون الوطن هو المكان الذي نتمكّن فيه من العثور على المعنى الحقيقي للحياة. ومع ذلك، سأعود إلى وطني يوما ما، مع أو بدون معنى. وتلك فقط مسألة وقت. م. عادل

❉ ❉ ❉


❉ ❉ ❉

○ قرأ الفنّان الألماني آنسيلم كيفر مرارا رواية جيمس جويس الصعبة "يقظة فينيغانز". واستلهم أفكار بعض مَعارضه ولوحاته من أجواء تلك الرواية ومن طفولته وهو يصنع الألعاب من أنقاض منزل عائلته. وكيفر يرى الأنقاض كبداية لا نهاية. ويعود ذلك إلى ولادته في الأشهر الأخيرة المروّعة من الحرب العالمية الثانية، في بلدة جميلة في الغابة السوداء.
يقول: عندما ولدت، كنت في المستشفى مع والدتي في القبو. وفي تلك الليلة، قُصف منزلنا. ولو لم نكن في المستشفى وقتها لكنّا في عِداد الأموات. وفي طفولتي، لم يكن لديّ ألعاب. لذلك بَنيتُ منازل من طوب الأنقاض. وكان لديّ كلّ ما أريد، لأن عائلتي انتقلت إلى المنزل المجاور لمنزلنا المقصوف. كنت بجوار الأنقاض وكان الأمر رائعا. وكطفل، لم يكن ما حصل كارثة. كانت ألعابي هي كلّ ما أملك".
طفولة كيفر في بلد مهدّم بجوار منزل عائلته المدمّر، جعلته ما هو عليه الآن؛ الفنّان الذي ينقّب عن موقع قنبلة التاريخ الحديث. ولوحاته وتراكيبه تجسّد كوابيس الماضي بشغف. إنها آثار ناضجة وذات نكهة لاذعة تجعل معظم الفنّ المعاصر يبدو سطحيّا وبسيطا.
لوحته العملاقة "عبّاد الشمس في منتصف الليل"، وهو اسم آخر مقتبس من جويس، تمثّل رؤية آسرة لعبّاد الشمس الطويل ببتلاته السوداء. وكيفر يراه رمزا لدورة الوجود لأنه "يرتبط بالنجوم بتحريكه رأسه باتجاه الشمس. وفي الليل يكون مغلقا. ولحظة انفجاره، يصبح أصفر وخياليّا. وتلك هي نقطة الانحدار. لذا، فإن هذه الزهرة رمز لحالتنا الوجودية".
ويتحدّث كيفر عن الأدب وعن الجهود التي بذلها طوال حياته لفهم رواية جويس، التي تختبئ قصّتها تحت طبقات من التلاعب بالألفاظ تجعل حتى الجملة الأولى منها كتلة من التحدّي: يجري النهر متجاوزا حوّاء وآدم، ومن منعطف شاطئ إلى منعطف خليج، يعيدنا عبر مسار سريع إلى قلعة هاوث والمناطق المحيطة بها".
فنّ كيفر يتدفّق كالنهر، لكن ظلمته تكمن في رؤيته للزمن كـ دورة، وهو ما يتشاركه مع جويس. ويشير تعبير "ملجأ إعادة التدوير" في رواية جويس إلى اعتقاد الفيلسوف جيوڤاني ڤيكو بأن البشرية تصعد عبر مراحل ثم تتراجع، وتدور من جديد. وكيفر يجد التاريخ الحديث مخفيّا في نصّ جويس الذي يبدو غير سياسي. وأحد الاقتباسات التي دوّنها يُظهر أن الكاتب الكبير كان ملِمّا بما كان يحدث في ألمانيا في ذلك الوقت.
الكتب، بوصفها صورة لضميرنا الجمعي الإنساني الهشّ، تتجلّى في كلّ مكان في أعمال كيفر الفنّية. هناك كتب محروقة وكتب بأجنحة تحلّق. وهناك كومة من الكتب مصبوبة من البرونز وتزحف عليها ثعابين. يقول ستيفن ديدالوس، الأنا الأدبية لجيمس جويس في روايته "صورة الفنّان في شبابه": التاريخ كابوس أحاول الاستيقاظ منه". ج. جونز

Credits
archive.org
theguardian.com

السبت، أكتوبر 11، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • اسم اللوحة التي فوق "فون في ضوء القمر". والـ "فون" مخلوق معروف في الأساطير، نصفه إنسان ونصفه الآخر ماعز. ويظهر في وسط الصورة وهو يعزف على مزمار أو ناي أمام قطيع من الماعز في حقل شبه مظلم. وفي السماء فوق، يسطع قمر يضيء المشهد بنور خافت. وظلام الحقل وضوء القمر يحوّلان المشهد إلى شيء شبحي تقريبا.
    يقول الكاتب ايريك غيرالدو أنه عندما بحث عن هذه اللوحة، اكتشف أنها غير موجودة في أيّ متحف معروف، كما أنها لا تظهر في كتب الفنّ الشائعة. ثم تبيّن أنها مخفيّة في إحدى مجموعات الفنّ الخاصّة، أي أن قلّة قليلة من الناس هم الذين رأوها عيانا.
    ويضيف: إنها واحدة من تلك اللوحات التي تشعر عند اكتشافها وكأنك تعثّرت بسِرّ. وهنا يكمن الجزء المثير للاهتمام فيها. فالفنّان الذي رسمها لم يكن مجرّد رسّام. كان ليون سبيليارت (1881-1946) شابّا بلجيكيّا لا يتجاوز عمره 18 عاما عندما رسم الصورة. وقد عاش في أرقٍ دائم، وكان مهووسا بنيتشه وإدغار آلان بو".
    كان سبيليارت يرسم لوحات ليلية يضمّنها رؤى غريبة كانت مرايا لعقله. وقد نتج عن ذلك المزيج الغريب من الشباب والمرض والهوس صور غير عاديّة لدرجة أنها تبدو سابقة لعصرها.
    وفنّه عموما يتّسم بغلبة الألوان الداكنة والموضوعات الغامضة والمناظر الطبيعية المهجورة والكثير من الدراما. وقد استخدم في رسم هذه اللوحة حبرا هنديّا مخفّفا وقلم تلوين أسود. هنا لا نرى ألوانا زاهية، فقط الأسود والرماديّ والأبيض وتدرّجاتها. واختيار الفنّان لهذه الألوان ليس مصادفة، لأنه أراد خلق شيء هجين يعكس تماما روحه التجريبية.
    لكن ما الذي تعنيه هذه اللوحة حقّا؟ طقوس وثنية؟ لعبة بريئة؟ أم عرض لفنّان معذّب؟!
    في ذلك الوقت، أي مطلع القرن الماضي، كانت أوربّا تشهد تحوّلات كبيرة، فالعلم يتقدّم والمدن تنمو والتصنيع يتمدّد ويتّسع. لكن كان هناك في نفس الوقت انجذاب كبير للأحلام والغيبيات واللاعقلانية. وتلك كانت لحظة ولادة الرمزية، وهي حركة فنّية وأدبية تمرّدت على الواقعية والانطباعية. وفي حين سعى بعض الرسّامين إلى تصوير الحياة اليومية، أراد الرمزيون، بمن فيهم سبيليارت، النظر إلى الداخل؛ إلى النفس وعالم اللاوعي.
    كان الرمزيون يرون أنه يجب على الفنّانين البحث عن حقيقة أعلى في عملهم. ومثل الرومانسيين من قبلهم، تحوّلوا إلى معجم بصري غنيّ عاطفيّا ومعقّد نفسيّا. وبينما حقّق الرومانسيون ذلك من خلال رسم العالم الطبيعي، اتّبع الرمزيون نهجا أكثر تجريدا. وكما يوحي الاسم، استخدموا لغة "رمزية" لنقل العالم الداخلي للأفكار والمشاعر.
    في نفس تلك الفترة، نشر سيغموند فرويد كتابه "تفسير الأحلام" الذي فتح باب اللاوعي على مصراعيه. وفي الموسيقى، قدّم كلود ديبوسيه لأوّل مرّة قطعة موسيقية استلهمها من قصيدة لمالارميه تتحدّث عن "فون" يحلم في منطقة وسيطة بين الواقع والخيال. وفي الأدب، كان إدغار آلان بو ما يزال يؤثّر على جيل كامل من الأدباء بأسلوبه المظلم والكئيب. وكان نيتشه يتحدّى الأخلاق التقليدية بفلسفته المستفزّة وأفكاره الشاطحة.
    وقد استوعب سبيليارت كلّ هذا. فحيوانه الأسطوريّ الذي يعزف الناي تحت ضوء القمر مع قطيع من الماعز تبدو كالظِلال، كان انعكاسا لعصر مهجوس بالغموض والرموز وبإعطاء شكل ملموس للأشياء غير المرئيّة.
    في الأساطير الرومانية، كان الفون روح الغابات والحقول، وارتبط بالخصوبة والطبيعة البرّية. ونظيره اليوناني، أي الساتير، كان رفيقا لديونيسوس. وكان كلاهما يصوَّر على هيئة مخلوق نصفه إنسان ونصفه ماعز. كان الفون ملحّنا يعزف الناي ويجسّد الفرح والحيوية وأكثر الأشياء والدوافع بدائيةً وجُموحا. ولهذا السبب، كان يُنظر إليه إما كشخصية مرحة وحسّية ومشاكسة، أو ككائن مظلم ومرتبط بالشهوة والشيطان.
    وهناك من النقّاد من رأوا أن الفون هو نوع من "الأنا البديلة" لسبيليارت الذي كان مصابا بالأرق ومريضا ومهووسا بآلان بو ونيتشه. وربّما يرمز أيضا إلى الفنّان نفسه الذي يحاول تهدئة مخاوفه وشياطينه الداخلية.
    وكلّ هذه العناصر غذت خيال الفنّان بمزيج من الكآبة والفلسفة المتطرّفة والرؤى المظلمة. وليس من المستغرب أن يكون "الفون" المغنّي تحت القمر مولوداً من الأرق المحموم؛ من عقل شخص يعيش بين الواقع والهذيان الليلي. والنتيجة مشهد من عالم آخر ذي طابع شرّير بعض الشيء. سبيليارت نفسه لم يُعطِ تفسيرا واضحا لهذه اللوحة، بل ترك تلك المهمّة للمتلقّي.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • عندما أرسل امبراطور الصين مبعوثا لدعوة الفيلسوف تشوانغ تزو كي يعيّنه رئيسا للوزراء، كان الأخير يصطاد، وروى للمبعوث حكاية. قال: بعد أن نفقَت سلحفاة، وُضعت جثّتها في معبد، وأصبح الناس يعبدونها ويبجّلونها باعتبارها "سلحفاة إلهية". ثم سأل تشوانغ تزو رسول الامبراطور: بالنسبة لهذه السلحفاة، هل من الأفضل أن تُترك عظاما للناس ليعبدوها بعد الموت، أم أن تعيش وتلعب في الطين والماء؟". فردّ المبعوث: الأفضل أن تعيش وتمرح في الوحل". فقال تزو: يمكنك العودة الآن. أنا أيضا أفضّل أن أمرح هنا في الوحل!"
  • ❉ ❉ ❉

  • أغنية البجعة The swan song عبارة مجازية يعود أصلها إلى اليونان في القرن الثالث قبل الميلاد. وتُستخدم للإشارة الى الجهد أو الفعل الأخير الذي يسبق الموت. وأصلها اعتقاد قديم مؤدّاه أن البجعة، المعروفة بصمتها طوال حياتها، تؤدّي أغنية حزينة قبل موتها. وذكرَ العبارة كلّ من اوفيد وفرجيل في كتاباتهما واستلهمها موسيقيّون وشعراء كثُر.
  • ❉ ❉ ❉

  • اقتباسات...
    ○ في حياة المرء، من الصعب مقابلة صديق قديم. يتباعد الناس عن بعضهم البعض مثل النجوم. الليلة يحدث هذا على ضوء شمعة. رجلان كانا شابّين منذ وقت ليس ببعيد، شَعرهما الآن تحوّل إلى بياض. وإذ أكتشفُ أن نصف أصدقائنا قد ماتوا، أشعر بالصدمة ويمتلئ قلبي حزنا.
    لم أكن أعرف أن عشرين عاما ستمرّ قبل أن أتمكّن من رؤيتك ثانية. عندما غادرتَ كنتُ ما أزال عازبا. الآن كلّ هؤلاء الأولاد والبنات في صفّ واحد، يحيّون باحترام صديق والدهم القديم، ويسألون أين كنت.
    وبينما نتحدّث لبعض الوقت، يقدَّم لي شراب، ويُقطع ثوم ربيعي معمّر في مطر الليل، ويُطهى أرزّ أصفر. يقول مضيفى: الاجتماع صعب، ومع نخْب واحد يشرب كلّ منا عشرة أكواب. لكن عشرة أكواب لا تجعلني ثملا، لذا نشرب لفترة أطول قليلا. ستفرّقنا الجبال غدا، وتظلّ أحوال الدنيا غير مؤكّدة وغير واضحة. دو فو

    ○ أكتب الروايات منذ أكثر من أربعين عاماً، ولكني لم أمرّ قطّ بما يُعرف عادة بـ "قفلة الكتابة أو انسداد الأفق الإبداعي". قد يبدو الأمر وكأنني أتمتّع بموهبة هائلة. لكن السبب الحقيقي بسيط جدّا، فأنا لا أكتب أبداً إلا إذا كانت الرغبة في الكتابة ساحقة. وحينها كل ما عليّ فعله هو إطلاق يدي وتركها تحلّق في الهواء، وبعدها تتدفّق الكلمات بلا عناء.
    ومنذ البداية، اكتشفت صوتي وأسلوبي الخاصّين، ليس بإضافة ما أعرفه بالفعل ولكن بالاستغناء عنه. فكّر في عدد الأشياء التي نلتقطها في سياق الحياة. سواءً اخترنا أن نسمّيها معلومات كثيرة أو أمتعة زائدة، لدينا هذا العدد الكبير من الأشياء للاختيار من بينها. لذلك عندما نحاول التعبير عن أنفسنا بشكل إبداعي، تصطدم كل هذه الخيارات ببعضها البعض ونتوقّف مثل محرّك متعطّل ونصبح مشلولين. وأفضل ملاذ لنا هو تنقية نظامنا المعلوماتي، من خلال إلقاء كلّ ما هو غير ضروري في سلّة المهملات، لكي نسمح لعقولنا بالحركة بحرّية مرّة أخرى. هـ. موراكامي

    ○ يمكن لأيّ شخص أن ينظر إلى فتاة جميلة ويراها جميلة. ويمكن للفنّان أن ينظر إلى فتاة جميلة ويرى فيها المرأة العجوز التي ستكونها مستقبلا. ويمكن للفنّان البارع أن ينظر إلى امرأة عجوز ويرى الفتاة الجميلة التي كانت عليها في الماضي. لكن الفنّان العظيم يمكنه أن ينظر إلى امرأة عجوز ويصوّرها كما هي تماما، ويجعل الناظر يرى الفتاة الجميلة التي كانت عليها.
    وأكثر من ذلك، يمكن للفنّان العظيم أن يجعل أيّ شخص يرى أن هذه الفتاة الجميلة لا تزال على قيد الحياة وأنها ببساطة سجينة جسدها المنهك. وبإمكان هذا الفنّان أيضا أن يجعلك تشعر بالمأساة التي لا تنتهي، وهي أنه لم تولد فتاة قطّ وشعرت أنها تجاوزت الثامنة عشرة في قلبها مهما فعلت بها السنوات القاسية. ر. هينلاين

  • Credits
    leonspilliaert.be/en
    harukimurakami.com

    الخميس، أكتوبر 09، 2025

    نصوص مترجمة


    ○ لو سألْنا هيغل اليوم عن مدى إمكانية إنزال تاريخ العالم القديم على واقعنا، فإنه ولا شك سيهزّ لحيته بانفعال وسيجيب بالنفي. كان هيغل يرى ان التعلّم من التاريخ فكرة مثيرة للسخرية، لأن التاريخ يقتصر على زمان ومكان وشعب محدّد. مثلا كان شيشرون يتحدّث عن العالَم الروماني في القرن الأوّل قبل الميلاد. وكان إيبكتيتوس يتحدّث عن العالم اليوناني في القرن الأوّل الميلادي. وكان كونفوشيوس يتحدّث عن سلالة تشو الصينية.
    وأيّ نصيحة يمكن أن يقدّمها هؤلاء ستكون محض صدفة او استنادا مضلّلا إلى التراث. أي أننا لا نستطيع التعلّم منهم. لكن هذا لا يعني أن هيغل كان يعتقد أن التاريخ لا طائل منه، بل اعتقدَ أن الأشياء الوحيدة التي يمكننا تعلّمها من التاريخ هي مبادئ عامّة ومجردّة. وحتى هذه المبادئ ستكون فضفاضة جدّا لدرجة أن تصبح عديمة الفائدة بالنسبة للمؤرّخ "البراغماتي" اليوم. هـ. لويد

    ❉ ❉ ❉

    ○ على الشعراء الصامتين المنعزلين أن يتعلّموا صنع حذاء وصيد سمكة وإصلاح الثقوب في سقف. فكل ما يتصنّعونه هو ثرثرة معذّبة ودامية ويائسة أمام كلمات العالم الحقيقية. فمن منا يعرف قافية لخشخشة موت رئة مثقوبة بالرصاص أو قافية لصرخة إعدام؟! من يعرف المقياس الإيقاعي للشعر عن الاغتصاب؟ من يعرف المقياس الشعري لقعقعة مدفع رشاش؟ من يعرف كلمة عن صرخة عين حصان ميّت سكتت حديثا ولم تعد السماء تنعكس فيها ولا حتى القرى المحترقة؟!
    عودوا إلى دياركم أيّها الشعراء واذهبوا إلى الغابات واصطادوا السمك واقطعوا الحطب، وافعلوا ما يحلو لكم. اصمتوا، أسكِتوا صرخة قلوبكم الوحيدة، فلا قافية ولا وزن لها، ولا مسرحية ولا قصيدة ولا رواية نفسية ولا موسوعة ولا مطبعة تحمل كلمات أو رموزا لغضبكم الكوني الصامت ولرغبتكم في الألم ولأحزانكم العاشقة.
    لسنا بحاجة إلى شعراء يحافظون على قواعد النحو. نحتاج إلى الذين يتمتّعون بشعور دافئ وأجشّ ومنتحب. أولئك الذين يسمّون الشجرة شجرة والأنثى أنثى ويقولون نعم ولا بصوت عالٍ وواضح. و. بورشرت

    ❉ ❉ ❉

    ○ في عام ١٦٨٣، ذهب عالم الطبيعة الألماني الموسوعي إنغلبرت كامبفر إلى اليابان وقضى هناك عقدين من الزمان في كتابة أوّل دراسة غربية لتاريخ اليابان وثقافتها ونباتاتها. وتضمنت تلك الدراسة أوّل وصف نباتي لشجرة الجِنكا (ginkgo) الفريدة التي صادفها في ناغازاكي.
    كانت هذه الشجرة قد اكتُشفت قبل ذلك بقرون من قبل الرهبان اليابانيين المتجوّلين. وقد تأثّروا بجمالها الفريد وبخصائصها الطبّية التي أصبحت عنصرا أساسيّا في الطبّ الصيني. وبدأوا يزيّنون بها المعابد والأضرحة المنتشرة في أنحاء اليابان.
    وقد أسرت هذه الشجرة الخيال الغربي بهندستها المذهلة ورقصها الدرامي مع الكلوروفيل، كما ألقت بسحرها على الجماهير والملوك على حدٍّ سواء. وعندما رأى الشاعر الألماني غوته، الذي كان وقتها المستشار الشخصي لدوق فايمر، أشجار الجنكا في الحدائق الملكية عام ١٨١٥، أضاءت خياله باستعارة عن طبيعة الحبّ والذات، وترجم ذلك بقصيدة كتبها في رسالة إلى صديق، موقّعة بورقة جِنكا مضغوطة.
    كان غوته في ذلك الوقت أبرز شاعر في أوروبّا. وكما روّج لأسماء الغيوم التي نستخدمها اليوم، أسهمت قصيدته تلك في انتشار جنون الجنكا الذي اجتاح أوروبّا ثم أمريكا. وسرعان ما أغرق المزارعون ومخطّطو المدن حدائقهم النباتية والعامّة بتلك الأشجار.
    ثم اكتشف العلماء حفريات الجنكا التي يبلغ عمرها مئات ملايين السنين، وبدأوا يتساءلون عن كيفية تطوّر النباتات البرّية الأولى. واليوم تصطفّ أشجار الجِنكا في شوارع مدن لا تُحصى وتُصدر حفيفا في العديد من حدائق العالم. وقد شهدت أقدم تلك الأشجار الباقية في البرّية ولادة أديان رئيسية وزوال حضارات عظيمة. ماريا بوبوفا

    ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

    ○ من أصعب الأمور تحليل مصدر إلهام المؤلّفات الموسيقية. تتداخل عوامل كثيرة في العمل الإبداعي. الحبّ بلا شك مصدر إلهام لا ينضب. وهو يلهم أكثر من أيّ شيء آخر. الحبّ هو اكتساب السعادة وقوّة العقل. إنه انكشاف آفاق جديدة من الطاقة الفكرية. جمال الطبيعة وعظمتها يساعدان أيضا.
    الشعر يلهمني كثيرا. من بين جميع الفنون، أحبّ الشعر أكثر من الموسيقى. أجد بوشكين رائعا. وأقرأ لشكسبير وبايرون باستمرار باللغة الروسية. لديّ دائما كتب شعرية حولي. الشعر يلهم الموسيقى، وهناك الكثير من الموسيقى في الشعر . إنهما شقيقان توأم.
    المرأة أيضا وبلا شك مصدر إلهام دائم. لكن عليك أن تهرب منها وتبحث عن العزلة، وإلا فلن تؤلّف أو تنجز شيئا. فكّر فيها، ولكن كن بمفردك في العمل الإبداعي واحمل الإلهام في قلبك وعقلك.
    النوع الجديد من الموسيقى لا يبدو أنه يبدع من القلب، بل من العقل. وملحّنوه يفكّرون أكثر ممّا يشعرون. وليس لديهم القدرة على جعل أعمالهم أعلى شأنا. أشعر كأنني شبح يتجوّل في عالم غريب. لا أستطيع التخلّي عن أسلوب الكتابة القديم، ولا اكتساب الجديد. لقد بذلت جهدا كبيرا لأفهم الأسلوب الموسيقي المعاصر، لكن لم أستطع. سيرغي رحمانينوف

    ❉ ❉ ❉

    ○ يحظى الملل بسمعة سيّئة في عالمنا الحديث. نعامله كفايروس يجب علاجه، ومع ذلك قد يكون أحد آخر بوّابات البصيرة المتبقية. وقد تعلّمت أن أتعايش مع الملل وأن أتركه يتمدّد ويؤلم قليلا. وكثيرا ما ينفتح شيء ما بعد ذلك الانزعاج الأوّلي. يبدأ ذهني بالشرود، ولكن ليس بلا هدف. ينقّب في الذكريات القديمة ويربط بين نقاط لم أكن أعلم أنها مترابطة، ويُظهِر شظايا من الحقيقة لم أجد وقتا لاستشعارها.
    وبعض أكثر أفكاري إبداعا وأكثر اكتشافاتي صدقا لم تأتِ من بذل المزيد من الجهد، بل من التخلّي عن الماضي. وهناك أبحاث تؤيّد هذا. فقد وُجد أن الملل يمكن أن يعزّز الإبداع وحلّ المشكلات. وعندما تنتقل أدمغتنا إلى "الوضع الافتراضي"، نبدأ في الوصول إلى طبقات أعمق من التفكير. بمعنى آخر، الملل لا يُخمد العقل، بل يحرّره. روني كنغ

    ❉ ❉ ❉

    ○ الساحرة، تلك الشخصية الغامضة والمثيرة للجدل، شهدت تطوّرا طويلا ومعقّدا في الثقافة الغربية. فمن آلهة قويّة في الأساطير اليونانية القديمة، إلى رموز شرّيرة وشيطانية في العصور الوسطى، إلى شخصيات معقّدة في الأدب والفنّ الحديثين، تعكس أسطورة الساحرة المفاهيم الاجتماعية والعلاقات بين الجنسين عبر عصور مختلفة.
    في الأساطير اليونانية القديمة، كانت صور الساحرات ملهمة وفاتنة. لكن مع ظهور المسيحية في أوروبّا، بدأت عملية شيطنتهنّ تدريجيا. وفي عام ١٤٨٤، ألّف كاهنان كتاباً شرحا فيه بالتفصيل أساليب التعرّف على الساحرات، ما أشعل شرارة محاكمات الساحرات في أوربّا، والتي استمرّت ثلاثة قرون وأُعدم خلالها حوالي مائة ألف شخص، غالبيتهم العظمى من النساء.
    وكانت لمطاردة الساحرات في العصور الوسطى دوافع اجتماعية ودينية معقّدة. فقد أدّت أزمة الإيمان التي أحدثها الإصلاح البروتستانتي، إلى جانب الاضطرابات الاجتماعية والكوارث الطبيعية، إلى الحاجة إلى كبش فداء. وأصبحت النساء، وخاصّة ذوات المعرفة والمهارة، أكثر الأهداف عرضةً للخطر.
    ومع ذلك فتصوير شكسبير للساحرات في مسرحية "ماكبث" كان بعيدا عن ذلك التوجّه الشيطاني. فبدلا من كونهنّ شرّيرات، صوّرهن كشخصيات غامضة ومتناقضة وأشبه ما يكون بمُتنبّآت وشاهدات على المآسي الإنسانية. وكان هذا النهج يعكس موقف شكسبير النقدي تجاه حركة مطاردة الساحرات التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
    وخلال العصر الرومانسي، بدأت صورة الساحرة تتخذ طابعا أكثر تعقيدا وإنسانية، حيث مزج شعراء مثل كيتس وشيلي أحاسيس الساحرات بالطبيعة والوحشية والجمال والحبّ، مع إظهار القوى الكامنة للمرأة وتأثيرها على العالم الواقعي.
    وفي الأدب والفنّ الحديث، أصبح تصوير الساحرات أكثر تنوّعا. ففي روايتي "هاري بوتر" لـ جي كي رولينغ و "سيّد الخواتم" لـ توكين، لم تعد الساحرات مجرّد رموز للشر، بل صرنَ يتمتّعن بإنسانية ومشاعر أغنى. ويعكس هذا التغيير تركيز المجتمع الحديث على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. ج. برينغل

    Credits
    themarginalian.org
    yaledailynews.com